روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | الجنون.. المُحبَّب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > الجنون.. المُحبَّب


  الجنون.. المُحبَّب
     عدد مرات المشاهدة: 2768        عدد مرات الإرسال: 0

تناولَت مطوية عنونتها "الحب.. فطرة أم خطيئة" وشرعَت بقراءتها..

كانت تلتهم الكلمات التهاماً.. وتركّز بنظرها على تلك الوريقات.. حتى إذا ما انتهت من القراءة..

دفعت المطوية إليّ وقالت: الكلام سهل!

كلها نظريات.. أما الواقع فيكوي!!

تكمل والدموع تترقرق في عينيها.. كنت أظنني قوية.. قادرة على العيش بعيداً عن ترّهات تشتت العقل وتسحر الألباب..

أشفق على من ينغمس في أوحال العشق ويلتوي قلبه من جلداته.. حتى أتاني هواه وتحكّم..

دخل الكهف الذي أخفيت قلبي فيه وسحره! ثم على حين غفلة منه انقضّ عليه وشدّ الخناق!

فبات القلب خاتماً بين يديه أينما يوجّهه يدور.. كل يوم قواه تخور.. يئنّ ويترنّح! تارة يذوب وأُخرى يتمتّع.. لينتكس بعدها ويتوجّع!

لا تنصحي! قد جرّبت كل عقاقير الصبر والمصابرة والاصطبار.. وهرولت بعيداً وعاندت كثيراً وحاولت خنق القلب!

وانقطعت.. بترت العلاقة.. أليس هو التعبير الذي استخدمته في مطويتك؟! بتر العلاقة؟!

بترت الوريد المؤدّي إليه فلم أفلح!! تسلّقت قمّة العزيمة.. فعدت بالهزيمة.. وبعد كل هروب كان العَود أقوى.. وأشهى!

أرأيت مطاطاً يمسك هو بطرف وأنا بآخر؟ كلما بعدنا يمتد.. حتى إذا ما أفلت الطرفَ أحدُنا ارتدّ بسرعة وقوّة! فلا تملي عليّ تخاريفك التي تملئين بها الصفحات.. كلها حروف تبهر.. ترفع.. تنشل من الاختناق..

وبعد تمام القراءة.. أعود إلى أرذل الحب.. وكلما استفقت من سكراته.. جننت! احتلّني الحنين.. واجتاحني الشوق!

أخبرتِنا هناك أن الأمر ليس بالسهل ولا الهيّن.. ولكنك لم تقولي أنه أصعب من الإدمان.. وأن سحب الروح أسهل.. وتشريح الجسد بلا بنج أعقل! والوصول إلى عمق الشمس دون احتراق ميسّر أكثر!

نعم.. هو ذاك تماماً.. محض جنون!

وأنا مجنونة بامتياز.. وبشهادة معتمدةٍ من القلب والعقل.. ممهورة بآهات الليل وأنّات النهار.. فهل أدخل في حديث الحبيب –عليه الصلاة والسلام- إذ قال: رُفِع القلم عن ثلاث ومنهم المجنون حتى يعقل ويفيق؟!

كانت تفور أمامي كطائر مذبوح.. عاجلتها بسؤال قبل أن تكمل هذيانها.. لِم لا تتزوجان؟!

فنظرت إليّ نظر المغشيّ عليها من الألم!.. وقالت: حاولنا تذليل الصعاب فلم نفلح.. الأمر شبه مستحيل..

الزواج صعب.. والفراق أصعب.. فأين أختفي؟!

قلت: أشغلي نفسك بما يلهيك.. فقالت: قد فعلت!

حتى لا أكاد أجد متنفساً من وقت.. وبقيت أداري أياماً وشهورا.. حتى انقطع الرجاء واستيأس القلب فاستأسد الضجر وانقطع مداد الطاقة التي تحثّني على العمل!


خيّم صمتٌ صاخب..

التهمته صرخات جارحة مدويّة من عمق الفؤاد.. هو الوحيد الذي استطاع أن يوافق العقل والفكر والقلب والروح.. ولكنه ليس لي! وأجهشَت بالبكاء إذ استعرضَت شريط حياتها القاتم..

المفعم بالحزن!

هل كثيرٌ عليّ أن أجد نبضاً يلفّني بعد كل ذاك التصحّر؟! هل سأبقى على مشنقته معلّقة؟! هل سأبقى مشلولة فكرياً وعقلياً وجسدياً لا أقوى على الإنجاز.!؟

قلت لا.. ولكن الدنيا ليست لنا! وفي الجنّة تحلو الحياة..

نظرت إليّ باستهزاء وصفعتني بتمتمتها: أنتِ لا تفهمينني.. لأنكِ لم تعيشي ما أعيشه!

ابتسمتُ.. وهل علينا أن نعيش تفاصيل الحكايا لنحسّ؟! وتلك القلوب التي بكت ولا زالت تبكي وأسمع.. ألا تدكّ مشاعري دكا؟!

طفتُ بعيداً عن هلوساتها.. بعد أن هجرت بكاءها.. وفتحت باب الذاكرة!

الكاتب: أ.سحر المصري

المصدر: موقع رابطة أدباء الشام